فصل: فرار الافرم إلى الناصر بدمشق.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.فرار الافرم إلى الناصر بدمشق.

كان عز الدين أيبك الأفرم الصالحي واليا على قوص واخميم وأعمالها فقوي أمره وهم بالإستبداد وأراد المعز عزله فامتنع عليه فبعث بعض الخوارزمية مددا له ودس إليهم الفتك به فلما وصلوا إليه استخدمهم وخلطهم بنفسه فاغتالوه وقبضوا عليه وتراموا إليه للحين فبطشوا بهم وقتلوهم وخلعوه ثم عزله بعد ذلك عز الدين الصميري في خدمته واستدعاه إلى مصر فأقام عنده ثم بعثه مع أقطاي إلى الصعيد وحضر ومعه الشريف أبو ثعلب والعرب كما مر وعاد أقطاي إلى مكانه من الدولة وأوعز المعز أيبك إلى الأقزم بالمقام لتمهيد بلاد الصعيد وأن يكون الصميري في خدمته وبلغه وهو هناك أن المعز عدا على أقطاي وقتله وأن أصحابه البحرية فروا إلى الشام فاستوحش وأظهر العصيان واستدعى الشريف أبا ثعلب وتظاهر معه على الفساد وجمعوا الأعراب من كل ناحية ثم بعث المعز سنة ثلاث وخمسين شمس الدين اليرلي في العساكر فهزمهم واعتقل الشريف فلم يزل في محبسه إلى أن قتله الظاهر ونجا الأفرم في فل من مواليه إلى الواحات ثم اعتزم على قصد الشام فرجع إلى الصعيد مع جماعة من اعراب جذام مروا به على السويس والطور ورجع عنه مواليه إلى مصر ولما انتهى إلى غزة تولع به الناصر فأذنه بالقدوم عليه بدمشق وركب يوم وصوله فتلقاه بالكسوة وأعطاه خمسة آلاف دينار ولم يزل عنده بدمشق إلى أن هرب البحرية من الكرك إلى مصر كما يذكر فخشي أن يأخذ الناصر وكاتب الأتابك قطز بمصر وسار إليه فقبله أولا ثم قبض عليه بعد ذلك واعتقله بالإسكندرية وكان الصميري قد بقي بعد الافرم في ولاية الصعيد واستفحل فيه فسولت له نفسه الإستبداد ولم يتم له فهرب إلى الناصر سنة أربع وخمسين انتهى والله تعالى أعلم.

.مقتل المعز أيبك وولاية ابنه علي المنصور.

كان المعز أيبك عندما استفحل أمره ومهد سلطانه ودفع الأعداء عن حوزته طمحت نفسه إلى مظاهرة المنصور صاحب حماة ولؤلؤ صاحب الموصل ليصل يده بهما وأرسل إليهما في الخطبة وأثار ذلك غيرة من زوجته شجرة الدر وأغرت به جماعة من الخصيان منهم محسن الخزري وخصى العزيزي ويقال سنجر الخادمان فبيتوه في الحمام بقصره وقتلوه سنة خمس وخمسين لثلاث سنين من ولايته وسمع مواليه الناعية من جوف الليل فجاؤا مع سيف الدين قطز وسنجر الغتمي وبهادر فدخلوا القصر وقبضوا على الجوجري فقتلوه وفر سنجر العزيزي إلى الشام وهموا بقتل شجرة الدر وقام الموالي الصالحية دونها فاعتقلوها ونصبوا للملك علي بن المعز أيبك ولقبوه المنصور وكان أتابكه علم الدين سنجر الحلي واشتمل موالي المعز على ابنه المنصور فكبسوا علم الدين سنجر واعتقلوه وولوا مكانه أقطاي المعزي الصالحي مولى العزيز على الدولة في نقضها وإبرامها سنة ست وخمسين وأغرته أم المنصور بالصاخب شرف الدين الغازي لأن المعز كان يستودعه سراياه عنده فاستصفاه وقتله وفي هذه السنة توفي زهير بن علي المهلي وكان يكتب عن الصالح ويلازمه في سجنه بالكرك ثم صحبه إلى مصر والله تعالى أعلم.

.نهوض البحرية بالمغيث صاحب الكرك وانهزامهم.

قد ذكرنا فرار البحرية إلى الناصر ونهوضهم به إلى مصر وخروج أيبك إلى العباسية وما كان بينهما من الصلح فلما انعقد الصلح ورجع الناصر إلى دمشق ورجعوا عنه إلى قلعة ولم يرضوا الصلح فاستراب بهم الناصر وصرفهم عنه فلحقوا بغزة ونابلس وبعثوا إلى المغيث صاحب الكرك بطاعتهم فأرسل الناصر عساكره للإيقاع بهم فهزموهم فسار إليهم بنفسه فهزموه إلى البلقاء ولحقوا وأطمعوا المغيث في مصر واستمدوه لها فأمدهم بعسكره وقصدوا مصر وكبراؤهم بيبرس البندقداري وقلاوون الصالحي وبليان الرشيدي وبرز الأمير سيف الدين قطز بعساكر مصر إلى الصالحية فهزمهم وقتل بلغار الأشرفي وأسر قلاوون الصالحي وبليان الرشيدي وأطلق قلاوون بعد أيام كفالة أستاذ الدار فاختفى ثم لحق بأصحابه واستحثوا المغيث إلى مصر فنهض في عساكره سنة ست وخمسين ونزل الصالحة وقدم إليه عز الدين الرومي والكافوري والهواشر ممن كان يكاتبه من أمراء مصر وبرز سيف الدين قطز في عساكر مصر والتقى الجمعان فانهزم المغيث ولحق في الفل بالكرك وفرت البحرية إلى الغور فوجدوا هنالك أحياء من الأكراد فروا من جبال شهرزور أمام التتر فاجتمعوا بهم والتحموا بالصهر معهم وخشي الناصر غائلة اجتماعهم فجهز العساكر من دمشق إليهم والتقوا بالغور فانهزمت عساكره فتجهز ثانيا بنفسه وسار إليهم فخاموا عن لقائه وافترقوا فلحق الأكراد بمصر واعترضهم التركمان في طريقهم بالعريش فأوقعوا بهم وخلصوا إلى مصر ولحق البحرية بالكرك مع عسكر المغيث ووعدهم بالنصر وأرسل إليه من دمشق في أسلامهم إليه وتوعده أنفسهم وإضطربوا ففر بيبرس وقلاوون إلى الصحراء وأقاموا بها ثم لحقوا بمصر وأكرمهم الأتابك قطز وأقطعهم وأقاموا عنده ولما فر بيبرس وقلاوون من المغيث قبض على بقية أمراء البحرية سنقر الأشقر وشكر برابق وبعث بهم إلى الناصر فحبسهم بقلعة حلب إلى أن استولى التتر عليها ونقلهم هلاكو إلى بلاده والله سبحانه وتعالى أعلم.